-
251- عَنْ
عَائِشَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ]، قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلالٌ،
فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ
مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِـهِ * وَالمَوْتُ أَدْنَى
مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ
الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولُ:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ
لَيْلَةً * بِوَادٍ وَحَوْلِي
إِذْخِرٌ وَجَلِيـلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ
يَوْماً مِيَاهَ مَجَنَّـةٍ * وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ
بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، كَمَا
أَخْرَجُونَا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى أَرْضِ الوَبَاءِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ
كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَفِي
مُدِّنَا، وَصَحِّحْهَا لَنَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الجُحْفَةِ)) قَالَتْ:
وَقَدِمْنَا المَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ، قَالَتْ: فَكَانَ
بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلاً، تَعْنِي: مَاءً آجِنًا. رواه البخاري ومسلم([1]).
252- عَنْ
عَائِشَةَ [ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ]، قَالتْ:
مَا غِرْتُ عَلى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلاَّ
عَلَى خَدِيجَةَ, وَإنِّي لَمْ أُدْرِكْها، قَالتْ: وكَانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ: ((أَرْسِلوا بِهَا إِلى
أَصْدِقَاءِ خَدِيجةَ))، قَالتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا فَقُلْتُ: خَدِيجَةُ،
فَقاَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ
حُبَّهَا)). رواه البخاري ومسلم([2]).
253- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلائِكَةً سَيَّارَةً فُضُلاً، يَتَّبِعُونَ
مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ
الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسْأَلُهُمْ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ:
جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرْضِ, يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ
وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ، قَالَ: وَمَاذَا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَكَ
جَنَّتَكَ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لاَ أَيْ رَبِّ، قَالَ: فَكَيْفَ
لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَجِيرُونَكَ، قَالَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟
قَالُوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ، قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ:
فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: قَدْ
غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا،
قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ
مَعَهُمْ، قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ، هُمْ القَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ)).
رواه البخاري ومسلم([3]).
254-
عَنْ
كَثِيرِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي الأَزْدِيَّةُ، يَعْنِي: "
مُسَّةَ "، قَالَتْ: حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ:
يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ, إِنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَأْمُرُ النِّسَاءَ
يَقْضِينَ صَلاةَ المَحِيضِ، فَقَالَتْ: لاَ يَقْضِينَ، كَانَتِ المَرْأَةُ مِنْ
نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ
لَيْلَةً، لاَ يَأْمُرُهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَضَاءِ
صَلاةِ النِّفَاسِ. رواه أبو داود([4]).
255- عَنْ
أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ [ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ ] قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ
الجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ
يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ
خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ؛ أَجْرُ صِيَامِهَا
وَقِيَامِهَا)). رواه أبو داود وابن ماجه([5]).
256- عَنْ ثَوْبَانَ [ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى
عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا)) فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ
قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: ((بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ
غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ
المَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهْنَ)) فَقَالَ
قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَمَا الوَهْنُ؟ قَالَ: ((حُبُّ الدُّنْيَا
وَكَرَاهِيَةُ المَوْتِ)). رواه أبو داود([6]).
257- عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَحَذَّرَ النَّاسَ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ:
مَتَى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَبَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ، فَقُلْنَا لَهُ: اقْعُدْ، فَإِنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَكْرَهُ، قَالَ: ثُمَّ
قَامَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ:
فَبَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ أَشَدَّ
مِنَ الأُولَى، فَأَجْلَسْنَاهُ، قَالَ: ثُمَّ قَامَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَيْحَكَ وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟)) قَـالَ: أَعْدَدْتُ
لَهَا حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَقَـالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْـهِ وَسَلَّمَ: ((اجْلِسْ فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ)). رواه أحمد([7]).
258- عَنْ
أَبِي رَزِينٍ العُقَيْلِيِّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ
يُحْيِي اللَّهُ المَوْتَى؟ قَـالَ: ((أَمَا مَرَرْتَ بِأَرْضٍ مِنْ أَرْضِـكَ
مُجْدِبَةً ثُمَّ مَرَرْتَ بِهَا مُخْصَبَةً؟)) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((كَذَلِكَ
النُّشُورُ)). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَمَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: ((أَنْ
تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ
إِلَيْكَ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ تُحْرَقَ بِالنَّارِ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ
أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ، وَأَنْ تُحِبَّ غَيْرَ ذِي نَسَبٍ لاَ تُحِبُّهُ إِلاَّ
لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ فَقدْ دَخَلَ حُبُّ الإِيمَانِ
فِي قَلْبِكَ, كَمَا دَخَلَ حُبُّ المَاءِ لِلظَّمْآنِ فِي اليَـوْمِ القَائِظِ))،
قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لِي بِأَنْ أَعْلَمَ أَنِّي مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: ((مَا مِنْ أُمَّتِي -أَوْ هَذِهِ الأُمَّةِ- عَبْدٌ يَعْمَلُ حَسَنَةً فَيَعْلَمُ أَنَّهَا حَسَنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَازِيهِ بِهَا خَيْرًا، وَلاَ يَعْمَلُ سَيِّئَةً فَيَعْلَمُ أَنَّهَا سَيِّئَةٌ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهَا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَغْفِرُ إِلاَّ هُوَ، إِلاَّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ)). رواه أحمد([8]).
يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لِي بِأَنْ أَعْلَمَ أَنِّي مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: ((مَا مِنْ أُمَّتِي -أَوْ هَذِهِ الأُمَّةِ- عَبْدٌ يَعْمَلُ حَسَنَةً فَيَعْلَمُ أَنَّهَا حَسَنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَازِيهِ بِهَا خَيْرًا، وَلاَ يَعْمَلُ سَيِّئَةً فَيَعْلَمُ أَنَّهَا سَيِّئَةٌ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهَا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَغْفِرُ إِلاَّ هُوَ، إِلاَّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ)). رواه أحمد([8]).
259- عَنْ
مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً؟ قَالَ: ((الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ
فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُـهُ
صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ
دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ
مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ)). رواه الترمذي([9]).
260- عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلانِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ
حِمْصَ، فَإِذَا فِيهِ نَحْوٌ مِنْ ثَلاثِينَ كَهْلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا فِيهِمْ شَابٌّ أَكْحَلُ العَيْنَيْنِ
بَرَّاقُ الثَّنَايَا سَاكِتٌ، فَإِذَا امْتَرَى القَوْمُ فِي شَيْءٍ أَقْبَلُوا
عَلَيْهِ فَسَأَلُوهُ، فَقُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُعَاذُ
بْنُ جَبَلٍ، فَوَقَعَ لَهُ فِي نَفْسِي حُبٌّ, فَكُنْتُ مَعَهُمْ حَتَّى تَفَرَّقُوا،
ثُمَّ هَجَّرْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَائِمٌ يُصَلِّي
إِلَى سَارِيَةٍ, فَسَكَتَ لاَ يُكَلِّمُنِي، فَصَلَّيْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ
فَاحْتَبَيْتُ بِرِدَاءٍ لِي، ثُمَّ جَلَسَ, فَسَكَتَ لاَ يُكَلِّمُنِي وَسَكَتُّ
لاَ أُكَلِّمُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، قَالَ: فِيمَ
تُحِبُّنِي؟ قَالَ: قُلْتُ: فِي اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَأَخَذَ
بِحُبْوَتِي فَجَرَّنِي إِلَيْهِ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: أَبْشِرْ إِنْ كُنْتَ
صَادِقًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْـهِ وَسَلَّمَ يَقُـولُ:
((المُتَحَابُّونَ فِي جَلالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ
النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ))، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ
الصَّامِتِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا الوَلِيدِ, أَلاَ أُحَدِّثُكَ بِمَا حَدَّثَنِي
مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فِي المُتَحَـابِّينَ، قَالَ: فَأَنَا أُحَدِّثُكَ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَرْفَعُهُ إِلَى الرَّبِّ عَزَّ
وَجَلَّ قَـالَ: ((حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَـابِّينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ
مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ
فِيَّ، وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ)). رواه أحمد([10]).
261- عَنِ
المُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ
يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ((إِنِّي
كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ عَلَى طُهْرٍ)) أَوْ قَالَ: ((عَلَى
طَهَارَةٍ)). رواه أبو داود([11]).
262- عَنْ
جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: شَكَا أَهْلُ الكُوفَةِ
سَعْدًا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ
عَمَّارًا، فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لاَ يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأَرْسَلَ
إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لاَ
تُحْسِنُ تُصَلِّي؟ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ فَإِنِّي
كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّي صَلاةَ العِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ
وَأُخِفُّ فِي الأُخْرَيَيْنِ، قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ،
فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلاً أَوْ رِجَالاً إِلَى الكُوفَةِ، فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ
الكُوفَةِ وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلاَّ سَأَلَ عَنْهُ وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا،
حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: أُسَامَةُ
بْنُ قَتَادَةَ، يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ، قَالَ: أَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا فَإِنَّ
سَعْدًا كَانَ لاَ يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ, وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ, وَلاَ
يَعْدِلُ فِي القَضِيَّةِ، قَالَ سَعْدٌ: أَمَا وَاللَّهِ لأَدْعُوَنَّ بِثَلاثٍ:
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا قَامَ رِيَـاءً وَسُمْعَـةً،
فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالفِتَنِ، وَكَانَ بَعْدُ
إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ،
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى
عَيْنَيْهِ مِن الكِبَرِ وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ
يَغْمِزُهُنَّ. رواه البخاري ومسلم([12]).
263-
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ [ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ]، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى
رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَأَطَالَ بِهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا
ذَلِكَ مِن المَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهُ
انْقَطَعَ طِيَلُهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا
وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ
مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِيَ لِذَلِكَ
أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ
اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ
رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ
وِزْرٌ))، وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ
الحُمُرِ، فَقَالَ: ((مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ
الجَامِعَةُ الفَاذَّةُ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ # وَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾)). رواه البخاري ومسلم([13]).
264- عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، أَنَّهُ كَانَ إِذَا
سُئِلَ عَنْ صَلاةِ الخَوْفِ، قَالَ: يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ
النَّاسِ فَيُصَلِّي بِهِمُ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ العَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ مَعَهُ
رَكْعَةً اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَلا يُسَلِّمُونَ،
وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَـةً، ثُمَّ
يَنْصَرِفُ الإِمَامُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ
الطَّائِفَتَيْنِ فَيُصَلُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ
الإِمَامُ، فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ،
فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالاً قِيَامًا عَلَى
أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ
مُسْتَقْبِلِيهَا، قَالَ مَالِكٌ: قَالَ نَافِعٌ: لاَ أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. رواه البخاري ومسلم([14]).
265- عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا ]، قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّ ابْنَتِي
تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ)). مَرَّتَيْنِ
أَوْ ثَلاَثًا، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: ((لاَ))، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ،
وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالبَعْرَةِ عَلَى
رَأْسِ الحَوْلِ)). قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِي
بِالبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَت المَرْأَةُ إِذَا
تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشًا وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ
تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ: حِمَارٍ
أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلاَّ
مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِي بِها، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ
مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ. سُئِلَ مَالِكٌ: مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟ قَالَ:
تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا. رواه البخاري ومسلم([15]).
266- عَنْ
عَائِشَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ]، قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ البِتْعِ: وَهُوَ نَبِيذُ العَسَلِ، وَكَانَ
أَهْلُ اليَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ((كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ)). رواه البخاري ومسلم([16]).
267- عَنْ
أَنَسٍ [ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ]، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَجْرِ الحَجَّامِ، فَقَالَ:
احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَجَمَهُ أَبُو
طَيْبَةَ، وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ, وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ فَخَفَّفُوا
عَنْهُ، وَقَـالَ: ((إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ: الحِجَامَةُ
والقُسْطُ البَحْرِيُّ))، وَقَالَ: ((لاَ تُعَذِّبُوا صِبْيَانَكُمْ بِالغَمْزِ
مِنَ العُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالقُسْطِ)). رواه البخاري ومسلم([17]).
268- عَنْ
عَائِشَةَ [ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ]، أَنَّهَا
قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
سُتْرَةِ المُصَلِّي، فَقَالَ: ((مِثْلُ مُؤْخِرَةِ
الرَّحْلِ)). رواه مسلم([18]).
269-
عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سُئِلْتُ عَنِ المُتَلاعِنَيْنِ فِي إِمْرَةِ
مُصْعَبٍ، أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: فَمَا دَرَيْتُ مَا أَقُولُ، فَمَضَيْتُ
إِلَى مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ لِلْغُلامِ: اسْتَأْذِنْ لِي،
قَالَ: إِنَّهُ قَائِلٌ، فَسَمِعَ صَوْتِي، قَالَ: ابْنُ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ،
قَالَ: ادْخُلْ، فَوَاللَّهِ مَا جَاءَ بِكَ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلاَّ حَاجَةٌ،
فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ مُفْتَرِشٌ بَرْذَعَةً، مُتَوَسِّدٌ وِسَادَةً حَشْوُهَا
لِيفٌ، قُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ, المُتَلاعِنَانِ أَيُفَرَّقُ
بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ, نَعَمْ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ
ذَلِكَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ
وَجَدَ أَحَدُنَا امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ تَكَلَّمَ
تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، قَالَ:
فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَمَّا
كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ
ابْتُلِيتُ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلاءِ الآيَاتِ فِي سُورَةِ
النُّورِ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ فَتَلاهُنَّ عَلَيْهِ،
وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ
عَذَابِ الآخِرَةِ، قَالَ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَذَبْتُ
عَلَيْهَا، ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ
الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ، قَالَتْ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ
بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ، فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ
بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِن الصَّادِقِينَ، والخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ
عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ، ثُمَّ ثَنَّى بِالمَرْأَةِ فَشَهِدَتْ
أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِن الكَاذِبِينَ، والخَامِسَةُ أَنَّ
غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ
بَيْنَهُمَا. رواه البخاري ومسلم([19]).
271-
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي المَنَامِ ظُلَّةً
تَنْطُفُ السَّمْنَ وَالعَسَلَ، فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا فَالمُسْتَكْثِرُ
وَالمُسْتَقِلُّ، وَإِذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ
أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ
بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ ثُمَّ
وُصِلَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, بِأَبِي أَنْتَ، وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي
فَأَعْبُرَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اعْبُرْهَا))،
قَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَالإِسْلامُ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطُفُ مِنَ العَسَلِ وَالسَّمْنِ
فَالقُرْآنُ, حَلاوَتُهُ تَنْطُفُ، فَالمُسْتَكْثِرُ مِنَ القُرْآنِ وَالمُسْتَقِلُّ،
وَأَمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالحَقُّ الَّذِي أَنْتَ
عَلَيْهِ, تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ
فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُ
رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوَصَّلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ، فَأَخْبِرْنِي
يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا))، قَالَ: فَوَاللَّهِ
يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ، قَالَ: ((لاَ تُقْسِمْ)).
رواه البخاري ومسلم([20]).
272-
عَنْ ثَابِتٍ [ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ: حَدِّثْنَا يَا أَبَا حَمْزَةَ مِنْ
هَذِهِ الأَعَاجِيبِ شَيْئًا شَهِدْتَهُ لاَ تُحَدِّثُهُ عَنْ غَيْرِكَ، قَالَ:
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الظُّهْرِ
يَوْمًا، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَعَدَ عَلَى المَقَاعِدِ الَّتِي كَانَ
يَأْتِيهِ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ، فَجَاءَ بِلالٌ فَنَادَاهُ بِالعَصْرِ، فَقَامَ
كُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ بِالمَدِينَةِ أَهْلٌ يَقْضِي الحَاجَةَ وَيُصِيبُ مِنَ
الوَضُوءِ، وَبَقِيَ رِجَالٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَيْسَ لَهُمْ أَهَالِي
بِالْمَدِينَةِ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِقَدَحٍ أَرْوَحَ فِيهِ مَاءٌ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَفَّهُ فِي الإِنَاءِ، فَمَا وَسِعَ الإِنَاءُ كَفَّ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْـهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا، فَقَـالَ بِهَؤُلاءِ الأَرْبَعِ فِي
الإِنَاءِ، ثُمَّ قَـالَ: ((ادْنُوا)) فَتَوَضَّئُوا، وَيَدُهُ فِي الإِنَاءِ،
فَتَوَضَّئُوا حَتَّى مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ تَوَضَّأَ، قَالَ: قُلْتُ:
يَا أَبَا حَمْزَةَ كَمْ تَرَاهُمْ؟ قَالَ: بَيْنَ السَّبْعِينَ وَالثَّمَانِينَ.
رواه أحمد([21]).
273-
عَنْ عِيَاضِ بْنِ
حِمَارٍ المُجَاشِعِيِّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: ((أَلا إِنَّ
رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَـذَا،
كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ
كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ،
وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا
بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا، وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ
الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ
الكِتَابِ، وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ، وَأَنْزَلْتُ
عَلَيْكَ كِتَابًا لاَ يَغْسِلُهُ المَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ،
وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشًا، فَقُلْتُ: رَبِّ إِذًا
يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً، قَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا
اسْتَخْرَجُوكَ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ، وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ،
وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ، وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ
عَصَاكَ، قَالَ: وَأَهْلُ الجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ
مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ،
وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ، قَالَ: وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ:
الضَّعِيفُ الَّذِي لاَ زَبْرَ لَهُ, الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لاَ يَتْبَعُونَ
أَهْلاً وَلاَ مَالاً، والخَائِنُ الَّذِي لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ
إِلاَّ خَانَهُ، وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِي إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ
عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ))، وَذَكَرَ البُخْلَ أَوِ الكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ
الفَحَّاشُ. وفي رِوَايةٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ خَطِيبًا فَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي))
وَسَاقَ الحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ وَزَادَ فِيهِ: ((وَإِنَّ
اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى
أَحَدٍ، وَلاَ يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ)). رواه مسلم([22]).
274-
عَنِ ابْنِ عُمَرَ [ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ]، قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: ((إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ
بِهِ مِنَ البَخِيلِ)). رواه البخاري ومسلم([23]).
275-
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ [
بْنِ مَسْعُود ٍ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ وَشَقَّ الجُيُوبَ
وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ)). رواه البخاري ومسلم([24]).
276-
عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ،
فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا
تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَـاءَ؟))
ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ﴿فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا﴾. الآيَةَ. رواه البخاري ومسلم([25]).
277-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لاَ تَقُومُ
السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ
جَيْشٌ مِنَ المَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا
قَـالَتِ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ،
فَيَقُولُ المُسْلِمُونَ: لاَ وَاللَّهِ لاَ نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا،
فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ
ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لاَ يُفْتَنُونَ
أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الغَنَائِمَ
قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ: إِنَّ
المَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ فَيَخْرُجُونَ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا
جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ
إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلْحُ
فِي المَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ
بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ)). رواه مسلم([26]).
278-
عَنْ عَلِي رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ والمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ قَالَ: ((انْطَلِقُوا
حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ, فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ,
فَخُذُوهُ مِنْهَا))، فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى
انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا:
أَخْرِجِي الكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ
الكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا
بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَإِذَا فِيهِ: مِنْ
حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ
مَكَّةَ, يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا
حَاطِبُ مَا هَذَا)) قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي
كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ
مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا
أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ
فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا
فَعَلْتُ كُفْرًا وَلاَ ارْتِدَادًا وَلاَ رِضًا بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَقَدْ صَدَقَكُمْ))
قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ
قَالَ: ((إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ
يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ
فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ)). رواه البخاري ومسلم([27]).
279-
عَنْ أُسَامَةَ بْنَ
زَيْدٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَكِبَ حِمَارًا عَلَيْهِ إِكَافٌ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ
وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ وَهُوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي
الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، وَذَاكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ
بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطٌ مِنْ المُسْلِمِينَ، والمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ
الأَوْثَانِ، واليَهُودِ, فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَفِي المَجْلِسِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ
الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ
قَالَ: لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ, فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ
وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَيُّهَا
المَرْءُ, لاَ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَلا تُؤْذِنَا
فِي مَجَالِسِنَا, وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ, فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ
عَلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: اغْشَنَا فِي مَجَالِسِنَا
فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، قَالَ: فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ,
حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى
سَعْدِ ابْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: ((أَيْ سَعْدُ: أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا قَالَ
أَبُو حُبَابٍ، يُرِيدُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ؟ قَالَ كَذَا وَكَذَا))، قَالَ:
اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاصْفَحْ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ
اللَّهُ الَّذِي أَعْطَاكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ أَنْ
يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ
بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَهُ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَـلَ بِهِ مَا
رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه
البخاري ومسلم([28]).
280-
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, أنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ
فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ: ((مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ
فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ
يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ
عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)). رواه البخاري ومسلم([29]).
281-
عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، أَنَّ أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ
وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا
فَلاَ تَنْتَهِي, وَيَزْجُرُهَا فَلاَ تَنْزَجِرُ، قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ
لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ المِغْوَلَ فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا
فَقَتَلَهَا، فَوَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا طِفْلٌ، فَلَطَّخَتْ مَا هُنَاكَ
بِالدَّمِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَ النَّاسَ، فَقَالَ: ((أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلاً
فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلاَّ قَامَ))، فَقَامَ الأَعْمَى
يَتَخَطَّى النَّاسَ وَهُوَ يَتَزَلْزَلُ، حَتَّى قَعَدَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَنَا
صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيـكَ، فَأَنْهَاهَا فَلاَ تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا
فَلاَ تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ
بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ البَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ
المِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلاَ اشْهَدُوا أَنَّ
دَمَهَا هَدَرٌ)). رواه أبو داود والنسائي([30]).
282-
عَنِ النُّعْمَانِ
بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: ((مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ والوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ
اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا،
فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ
فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ
مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا
عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا)). رواه البخاري([31]).
283-
عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: كُنْتُ غُلامًا يَافِعًا
أَرْعَى غَنَمًا لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَدْ
فَرَّا مِنَ المُشْرِكِينَ، فَقَالاَ: يَا غُلامُ, هَلْ عِنْدَكَ مِنْ لَبَنٍ
تَسْقِينَا؟ قُلْتُ: إِنِّي مُؤْتَمَنٌ، وَلَسْتُ سَاقِيَكُمَا، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ عِنْدَكَ مِنْ جَذَعَةٍ
لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الفَحْلُ؟)) قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَتَيْتُهُمَا بِهَا،
فَاعْتَقَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَمَسَحَ الضَّرْعَ
وَدَعَا، فَحَفَلَ الضَّرْعُ، ثُمَّ أَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصَخْرَةٍ مُنْقَعِرَةٍ
فَاحْتَلَبَ فِيهَا فَشَرِبَ وَشَرِبَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ شَرِبْتُ، ثُمَّ قَالَ
لِلضَّرْعِ: ((اقْلِصْ))، فَقَلَصَ، فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ:
عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا القَوْلِ، قَالَ: ((إِنَّكَ غُلامٌ مُعَلَّمٌ)) قَالَ:
فَأَخَذْتُ مِنْ فِيهِ سَبْعِينَ سُورَةً لاَ يُنَازِعُنِي فِيهَا أَحَدٌ. رواه
أحمد([32]).
284-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
[ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿لِلَّهِ ما فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ
فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ﴾. قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ,
كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ: الصَّلاةَ وَالصِّيَامَ والجِهَادَ
وَالصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلاَ نُطِيقُهَا،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَتُرِيدُونَ أَنْ
تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا
وَعَصَيْنَا، بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا
وَإِلَيْكَ المَصِيرُ))، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا
وَإِلَيْكَ المَصِيرُ، فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا القَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ،
فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي إِثْرِهَا: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ
رَّبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا
وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ﴾، فَلَمَّا فَعَلُوا
ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى, فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لاَ
يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا
اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ قال: ((نَعَمْ))
﴿رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن
قَبْلِنَا﴾ قال: ((نَعَمْ)) ﴿رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا
بِهِ﴾ قال: ((نَعَمْ)) ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ
مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ﴾، َقالَ: ((نَعَمْ)). رواه
مسلم([33]).
285-
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو
مِنَ اللَّيْلِ: ((اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ،
لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، لَكَ الحَمْدُ
أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ، قَوْلُكَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ،
وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ،
اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ،
وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ
وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ لِي غَيْرُكَ)). رواه
البخاري ومسلم([34]).
286-
عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: كُنْتُ وَاقِـفًا مَعَ أُبَيِّ
بْنِ كَـعْبٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، فَقَالَ: لاَ يَزَالُ النَّاسُ
مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا، قُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ: إِنِّي
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((يُوشِكُ الفُرَاتُ
أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ،
فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ: لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ
بِهِ كُلِّهِ، قَالَ: فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ
وَتِسْعُونَ)). رواه مسلم([35]).
287-
عَنْ أَنَسٍ [ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ
أَشْيَاءَ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ
نَبِيٌّ؛ مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ
أَهْلُ الجَنَّةِ؟ وَمَا بَالُ الوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى
أُمِّهِ؟ قَالَ: ((أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ آنِفًا))، قَـالَ ابْنُ سَلامٍ:
ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلائِكَةِ، قَالَ: ((أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ
السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ، وَأَمَّا
أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الحُوتِ، وَأَمَّا
الوَلَدُ فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ المَرْأَةِ نَزَعَ الوَلَدَ، وَإِذَا
سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتِ الوَلَدَ)). قَالَ: أَشْهَدُ
أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ إِنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ
يَعْلَمُوا بِإِسْلامِي، فَجَاءَتِ اليَهُودُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ فِيكُمْ؟))، قَالُوا:
خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَأَفْضَلُنَا وَابْنُ أَفْضَلِنَا، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ؟))، قَالُوا: أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَعَادَ
عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ:
أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا:
شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا, وَتَنَقَّصُوهُ، قَالَ: هَذَا كُنْتُ أَخَافُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ. رواه البخاري([36]).
288-
عَنْ
أَنَسٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: ((يَجْتَمِعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُـونَ: لَوِ
اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُـونَ: أَنْتَ أَبُو
النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ
أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ
مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ فَيَسْتَحِي،
ائْتُوا نُوحًا, فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ
الأَرْضِ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ سُؤَالَهُ
رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ فَيَسْتَحِي، فَيَقُولُ: ائْتُوا خَلِيلَ
الرَّحْمَنِ, فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُوسَى,
عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ، فَيَأْتُونَهُ, فَيَقُولُ:
لَسْتُ هُنَاكُمْ, وَيَذْكُرُ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ نَفْسٍ فَيَسْتَحِي مِنْ
رَبِّهِ، فَيَقُولُ: ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَكَلِمَةَ
اللَّهِ وَرُوحَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ, فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى
رَبِّي فَيُؤْذَنَ لِي، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا فَيَدَعُنِي
مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ
يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ
يُعَلِّمُنِيهِ ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ،
ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي -مِثْلَهُ- ثُمَّ أَشْفَعُ، فَيَحُدُّ
لِي حَدًّا فَأُدْخِلُهُم الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَقُولُ: ((مَا
بَقِيَ فِي النَّارِ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ)).
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، يَعْنِي: قَوْلَ
اللَّهِ تَعَالَى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾. رواه البخاري ومسلم([37]).
289-
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا ]، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ
القِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ, فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ،
حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ)). رواه
مسلم([38]).
290-
عَنْ أَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ
سُلَيْمٍ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟
فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ, ثُمَّ أَخَذَتْ
خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبْتُ فَوَجَدْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ،
فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟)) فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ: ((قُومُوا)) فَانْطَلَقُوا وَانْطَلَقْتُ
بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو
طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ،
فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى
لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ حَتَّى دَخَلاَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلُمِّي يَا أُمَّ
سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ)) فَأَتَتْ بِذَلِكَ الخُبْزِ قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ الخُبْزِ فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ
أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَّمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: ((ائْذَنْ
لِعَشَرَةٍ))، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ
قَالَ: ((ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ))، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا
ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: ((ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ))، فَأَكَلَ القَوْمُ
كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا, والقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلاً. رواه البخاري
ومسلم([39]).
291-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
[ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ((تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ
تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ، يَقُولُ: إِنِّي
وُكِّلْتُ بِثَلاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ
اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ، وَبِالمُصَوِّرِينَ)). رواه الترمذي([40]).
292- عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، أَنَّ أَبَاهُ
اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، فَلَمَّا
حَضَرَ جِزَازُ النَّخْلِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي قَدِ اسْتُشْهِدَ
يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ دَيْنًا كَثِيرًا، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ
الغُرَمَاءُ، فَقَالَ: ((اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ))، فَفَعَلْتُ
ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ كَأَنَّهُمْ أُغْرُوا بِي تِلْكَ
السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ أَطَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ جَلَسَ
عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ((ادْعُ لِي أَصْحَابَكَ))،
فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ عَنْ وَالِدِي أَمَانَتَهُ، وَأَنَا
أَرْضَى أَنْ يُؤَدِّيَ اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي وَلا أَرْجِعَ إِلَى
أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ، فَسَلَّمَ اللَّهُ البَيَادِرَ كُلَّهَا، وَحَتَّى إِنِّي
أَنْظُرُ إِلَى البَيْدَرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ تَمْرَةً وَاحِدَةً. رواه البخاري([41]).
293-
عَنْ سَعْدِ بْنِ
أَبِي وَقَّاصٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ
عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ)). رواه البخاري
ومسلم([42]).
294-
عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ، فَكَانَ
أُمَّهَاتِي يُوَاظِبْنَنِي عَلَى خِدْمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ
بِشَأْنِ الحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ فِي مُبْتَنَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ،
أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا
القَوْمَ فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ ثُمَّ خَرَجُوا، وَبَقِيَ رَهْطٌ مِنْهُمْ
عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطَالُوا المُكْثَ،
فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ
لِكَيْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَشَيْتُ حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ
خَرَجُوا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ فَإِذَا
هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَقُومُوا، فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ
وَظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ قَدْ
خَرَجُوا، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي
وَبَيْنَهُ بِالسِّتْرِ، وَأُنْزِلَ الحِجَابُ. رواه البخاري ومسلم([43]).
295-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، - شَكَّ الأَعْمَشُ -
قَالَ: لَمَّا كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا فَأَكَلْنَا
وَادَّهَنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((افْعَلُوا))
قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ
الظَّهْرُ، وَلَكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ لَهُمْ
عَلَيْهَا بِالبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نَعَمْ))، قَالَ: فَدَعَا
بِنِطَعٍ فَبَسَطَهُ ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، قَالَ: فَجَعَلَ
الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، قَالَ: وَيَجِيءُ الآخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ،
قَالَ: وَيَجِيءُ الآخَرُ بِكِسْرَةٍ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ
ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالبَرَكَةِ ثُمَّ قَالَ: ((خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ)) قَالَ:
فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي العَسْكَرِ وِعَاءً إِلاَّ
مَلَؤُوهُ، قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ
إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لاَ يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ
غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنِ الجَنَّةِ)). رواه مسلم([44]).
296-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
[ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِي
صَوْمَعَةٍ فَجَاءَتْ أُمُّهُ، قَالَ حُمَيْدٌ: فَوَصَفَ لَنَا أَبُو رَافِعٍ
صِفَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ لِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا، ثُمَّ
رَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَيْهِ تَدْعُوهُ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ, أَنَا أُمُّكَ
كَلِّمْنِي، فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلاتِي،
فَاخْتَارَ صَلاتَهُ، فَرَجَعَتْ ثُمَّ عَادَتْ فِي الثَّانِيَةِ، فَقَالَتْ: يَا
جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِي، قَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلاتِي، فَاخْتَارَ
صَلاتَهُ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ وَهُوَ ابْنِي، وَإِنِّي
كَلَّمْتُهُ فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي، اللَّهُمَّ فَلا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ
المُومِسَاتِ، قَالَ: وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ، قَالَ:
وَكَانَ رَاعِي ضَأْنٍ يَأْوِي إِلَى دَيْرِهِ، قَالَ: فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ
القَرْيَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا الرَّاعِي فَحَمَلَتْ, فَوَلَدَتْ غُلامًا، فَقِيلَ
لَهَا: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: مِنْ صَاحِبِ هَذَا الدَّيْرِ، قَالَ: فَجَاءُوا
بِفُؤُوسِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ، فَنَادَوْهُ فَصَادَفُوهُ يُصَلِّي فَلَمْ
يُكَلِّمْهُمْ، قَالَ: فَأَخَذُوا يَهْدِمُونَ دَيْرَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ
نَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: سَلْ هَذِهِ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ ثُمَّ مَسَحَ
رَأْسَ الصَّبِيِّ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: أَبِي رَاعِي الضَّأْنِ،
فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ قَالُوا: نَبْنِي مَا هَدَمْنَا مِنْ دَيْرِكَ
بِالذَّهَبِ والفِضَّةِ، قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ تُرَابًا كَمَا كَانَ
ثُمَّ عَلاهُ. رواه البخاري ومسلم([45]).
297-
عَنْ عَائِشَةَ [
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ]، قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ
بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ. رواه البخاري ومسلم([46]).
298- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ
عَلَيْهِ السَّلام بِسَارَةَ، فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ
المُلُوكِ أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ
بِامْرَأَةٍ هِيَ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ يَا
إِبْرَاهِيمُ مَنْ هَذِهِ الَّتِي مَعَكَ؟ قَالَ: أُخْتِي، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا
فَقَالَ: لاَ تُكَذِّبِي حَدِيثِي فَإِنِّي أَخْبَرْتُهُمْ أَنَّكِ أُخْتِي،
وَاللَّهِ إِنْ عَلَى الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، فَأَرْسَلَ بِهَا
إِلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتْ:
اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلاَّ
عَلَى زَوْجِي فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ
بِرِجْلِهِ)) قَالَ الأَعْرَجُ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: ((قَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ: هِيَ
قَتَلَتْهُ, فَأُرْسِلَ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا, فَقَامَتْ تَوَضَّأُ تُصَلِّي
وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَأَحْصَنْتُ
فَرْجِي إِلاَّ عَلَى زَوْجِي فَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ هَذَا الكَافِرَ، فَغُطَّ
حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ))، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ:
قَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ: ((فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ فَيُقَالُ: هِيَ
قَتَلَتْهُ فَأُرْسِلَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ:
وَاللَّهِ مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ إِلاَّ شَيْطَانًا، أرْجِعُوهَا إِلَى
إِبْرَاهِيمَ وَأَعْطُوهَا آجَرَ، فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ
فَقَالَتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً)).
رواه البخاري ومسلم([47]).
299-
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ [ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ
طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ،
فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا
إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾، وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا
مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ
أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ،
وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ
لِذَلِكَ)). رواه مسلم([48]).
300-
عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ [ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ]، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ)) فَقَالَ
رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: ((الحَمْوُ
المَوْتُ)). رواه البخاري ومسلم([49]).
([1]) رواه
البخاري (1889)، ومسلم (1376), عقيرته: صوته، إذخر: حشيش معروف طيب الرائحة، جليل:
نوع من النبات، مياه مجنة: ماء عند عكاظ قريباً من مكة، شامة وطفيل: جبلان على نحو
ثلاثين ميلاً من مكة, وقيل: هما عينا ماء، بطحان: وادٍ في صحراء المدينة، نجلاً:
ماءً يجري على وجه الأرض أو ما يزال فيه الماء، آجناً: متغير الطعم واللون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق