351-
عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا
بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ)) فَسَلَّمَ
وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ
إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ،
فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: ((يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ))، ثَلاثًا،
ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ, فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ: أَثَّمَ
أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالُوا: لاَ. فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ،
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي
إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ، وَوَاسَانِي
بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي؟))، مَرَّتَيْنِ,
فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا. رواه البخاري([1]).
352-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
[ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ((مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ، لاَ تَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ،
وَلاَ يَزَالُ المُؤْمِنُ يُصِيبُهُ البَلاءُ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ
الأَرْزِ، لا تَهْتَزُّ حَتَّى تَسْتَحْصِدَ)). رواه مسلم([2]).
353-
عَنْ سَهْلِ بْنِ
سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: ((لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى
يَدَيْهِ))، قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ
يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: ((أَيْنَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟)) فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ
اللَّهِ، قَالَ: ((فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ))، فَلَمَّا جَاءَ
بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ, فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ
وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ,
أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: ((انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ
حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ
بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ
اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ
النَّعَمِ)). رواه البخاري ومسلم([3]).
354-
عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، قَالَ: وُضِعَ عُمَرُ عَلَى
سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ
وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلاَّ رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي, فَإِذَا
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْتَ
أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ
اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ،
وَحَسِبْتُ أَنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا
وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ)). رواه
البخاري ومسلم([4]).
355-
عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ
زَيْدٍ، فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ
تَطْعُنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ
لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ
هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ)). رواه البخاري ومسلم([5]).
356-
عَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ
قَامَ عَلَى المِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ بَيْنَ يَدَيْهَا
أُمُورًا عِظَامًا، ثُمَّ قَالَ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ
فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَخْبـَرْتُكُمْ
بِهِ مَا دُمْتُ فِي مَقَـامِي هَـذَا))، قَالَ أَنَسٌ: فَأَكْثَرَ النَّاسُ
البُكَاءَ، وَأَكْثَرَ رَسُـولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْـهِ وَسَلَّمَ أَنْ
يَقُـولَ: ((سَلُونِي))، فَقَالَ أَنَسٌ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيْنَ
مَدْخَلِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((النَّارُ))، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
حُذَافَةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((أَبُوكَ: حُذَافَةُ))،
قَالَ: ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: ((سَلُونِي سَلُونِي))، فَبَرَكَ عُمَرُ
عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولاً، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الحَائِطِ
وَأَنَا أُصَلِّي، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ)). رواه
البخاري ومسلم([6]).
357-
عَنْ جَابِرِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ
يَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ
النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ، قَالَ: فَأُذِنَ
لأَبِي بَكْرٍ فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ،
فَوَجَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا حَوْلَهُ
نِسَاؤُهُ وَاجِمًا سَاكِتًا، قَالَ: فَقَالَ: لأَقُولَنَّ شَيْئًا أُضْحِكُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ
رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَوَجَأْتُ
عُنُقَهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: ((هُنَّ
حَوْلِي كَمَا تَرَى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ)) فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى
عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، فَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا،
كِلاهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، فَقُلْنَ: وَاللَّهِ لاَ نَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا أَبَدًا لَيْسَ عِنْدَهُ، ثُمَّ
اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرًا أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ
الآيـَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ﴾ حَتَّى بَلَغَ: ﴿لِلْمُحْسِنَاتِ
مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً﴾ قَالَ: فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ فَقَالَ: ((يَا عَائِشَةُ,
إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكِ أَمْرًا، أُحِبُّ أَنْ لاَ تَعْجَلِي فِيهِ
حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ)) قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَتَلاَ
عَلَيْهَا الآيَةَ، قَالَتْ: أَفِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَشِيرُ أَبَوَيَّ؟
بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ لاَ
تُخْبِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِكَ بِالَّذِي قُلْتُ، قَالَ: ((لا تَسْأَلُنِي
امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلاَّ أَخْبَرْتُهَا، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي
مُعَنِّتًا وَلا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا)). رواه
مسلم([7]).
358-
عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الكَعْبَةِ قَالَ: دَخَلْتُ المَسْجِدَ فَإِذَا
عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ] جَالِسٌ
فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُمْ
فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً، فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ
خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ
نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلاةَ
جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ حَقًّا
عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ،
وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ
عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاءٌ وَأُمُورٌ
تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ
الفِتْنَةُ فَيَقُولُ المُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ،
وَتَجِيءُ الفِتْنَةُ فَيَقُولُ المُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ
يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدْخَلَ الجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ
أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ
وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ
يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ))، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ:
أَنْشُدُكَ اللَّهَ, آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ وَقَالَ: سَمِعَتْهُ
أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي، فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ
يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ
أَنْفُسَنَا! وَاللَّهُ يَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ
تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً
عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ
رَحِيماً﴾، قَالَ: فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ،
وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ. رواه مسلم([8]).
359-
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:
غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ الفَتْحِ -فَتْحِ
مَكَّةَ- ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ
مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ فَاقْتَتَلُوا بِحُنَيْنٍ، فَنَصَرَ اللَّهُ دِينَهُ والمُسْلِمِينَ،
وَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ صَفْوَانَ
بْنَ أُمَيَّةَ مِئَةً مِنَ النَّعَمِ, ثُمَّ مِئَةً, ثُمَّ مِئَةً، قَالَ ابْنُ
شِهَابٍ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ أَنَّ صَفْوَانَ قَالَ: وَاللَّهِ
لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَانِي،
وَإِنَّهُ لأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ، فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ
لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ. رواه مسلم([9]).
360-
عَنْ أُسَيْرِ بْنِ
جَابِرٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ إِذَا
أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ سَأَلَهُمْ: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ
عَامِرٍ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ، فَقَالَ: أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ،
قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ
مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ, مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ
بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا
بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ
يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ))، فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ لَـهُ، فَقَالَ
لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الكُوفَةَ، قَالَ: أَلاَ أَكْتُبُ لَكَ إِلَى
عَامِلِهَا؟ قَالَ: أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ، قَالَ:
فَلَمَّا كَانَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، فَوَافَقَ
عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، قَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ البَيْتِ قَلِيلَ
المَتَاعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: ((يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ
اليَمَنِ, مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ
إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى
اللَّهِ لأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ))
فَأَتَى أُوَيْسًا فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا
بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: أَنْتَ
أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِي، قَالَ: لَقِيتَ عُمَر؟
قَالَ: نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ،
قَالَ أُسَيْرٌ: وَكَسَوْتُهُ بُرْدَةً فَكَانَ كُلَّمَا رَآهُ إِنْسَانٌ قَالَ:
مِنْ أَيْنَ لأُوَيْسٍ هَذِهِ البُرْدَةُ؟. رواه مسلم([10]).
361-
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا قُبِرَ المَيِّتُ -أَوْ قَالَ: أَحَدُكُمْ-
أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، يُقَالُ لأَحَدِهِمَا: المُنْكَرُ
وَالآخَرُ النَّكِيرُ، فَيَقُولاَنِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟
فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ، هُوَ: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ
إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولاَنِ:
قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ
سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ:
نَمْ، فَيَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ، فَيَقُولاَنِ: نَمْ
كَنَوْمَةِ العَرُوسِ الَّذِي لاَ يُوقِظُهُ إِلاَّ أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ
حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ:
سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ، فَقُلْتُ مِثْلَهُ لاَ أَدْرِي، فَيَقُولاَنِ: قَدْ
كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلأَرْضِ: التَئِمِي عَلَيْهِ,
فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلاعُهُ، فَلاَ يَزَالُ فِيهَا
مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ)). رواه الترمذي([11]).
362-
عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: ((لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ))، فَقَامَ
رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَاكْتُتِبْتُ
فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قَـالَ: ((ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ)). رواه
البخاري ومسلم([12]).
363-
عَنْ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ]، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ المِنْبَرَ فَضَحِكَ، فَقَالَ: إِنَّ
تَمِيمًا الدَّارِيَّ حَدَّثَنِي بِحَدِيثٍ فَفَرِحْتُ بِهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ
أُحَدِّثَكُمْ، حَدَّثَنِي: أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ رَكِبُوا
سَفِينَةً فِي البَحْرِ، فَجَالَتْ بِهِمْ حَتَّى قَذَفَتْهُمْ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ
جَزَائِرِ البَحْرِ، فَإِذَا هُمْ بِدَابَّةٍ لَبَّاسَةٍ نَاشِرَةٍ شَعْرَهَا، فَقَالُوا:
مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قَالُوا: فَأَخْبِرِينَا، قَالَتْ: لاَ
أُخْبِرُكُمْ، وَلاَ أَسْتَخْبِرُكُمْ وَلَكِن ائْتُوا أَقْصَى القَرْيَةِ، فَإِنَّ
ثَمَّ مَنْ يُخْبِرُكُمْ وَيَسْتَخْبِرُكُمْ، فَأَتَيْنَا أَقْصَى القَرْيَةِ،
فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ بِسِلْسِلَةٍ، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ،
قُلْنَا: مَلأَى تَدْفُقُ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَن البُحَيْرَةِ، قُلْنَا: مَلأَى
تَدْفُقُ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ الَّذِي بَيْنَ الأُرْدُنِّ
وَفِلَسْطِينَ: هَلْ أَطْعَمَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنِ
النَّبِيِّ: هَلْ بُعِثَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَخْبِرُونِي كَيْفَ النَّاسُ
إِلَيْهِ؟ قُلْنَا: سِرَاعٌ، قَالَ: فَنَزَّى نَزْوَةً حَتَّى كَادَ، قُلْنَا:
فَمَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الدَّجَّالُ، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ الأَمْصَارَ كُلَّهَا
إِلاَّ طَيْبَةَ، وَطَيْبَةُ: المَدِينَةُ. رواه الترمذي([13]).
364-
عَنْ فَضَالَةَ بْنِ
عُبَيْدٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ يَخِرُّ رِجَالٌ مِنْ
قَامَتِهِمْ فِي الصَّلاَةِ مِنَ الخَصَاصَةِ، وَهُمْ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ،
حَتَّى يَقُولَ الأَعْرَابُ: هَؤُلاَءِ مَجَانِينُ أَوْ مَجَانُونَ، فَإِذَا
صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ،
فَقَالَ: ((لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ لأَحْبَبْتُمْ أَنْ
تَزْدَادُوا فَاقَةً وَحَاجَةً))، قَالَ فَضَالَةُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه الترمذي([14]).
365-
عَنْ عُرْوَةَ
بْنِ الزُّبَيْرِ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرِو ابْنِ العَاصِ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ المُشْرِكُونَ بِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِفِنَاءِ الكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ
عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ
خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَتَقْتُلُونَ
رَجُلاً أَنْ يَقُولَ: رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ
رَبِّكُمْ؟. رواه البخاري([15]).
366-
عَنْ
أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ، فَجَاءَ
رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((افْتَحْ
لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ))، فَفَتَحْتُ لَهُ, فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ،
فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ
اللَّهَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ))، فَفَتَحْتُ لَهُ,
فَإِذَا هُوَ عُمَرُ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ فَقَالَ لِي: ((افْتَحْ
لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ))، فَإِذَا عُثْمَانُ، فَأَخْبَرْتُهُ
بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَحَمِدَ اللَّهَ،
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ المُسْتَعَانُ. رواه البخاري ومسلم([16]).
367-
عَنْ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ قَالَ: ((وَجَّهْتُ
وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ
المُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ
العَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ،
اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا
عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي
جَمِيعًا إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنـوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ
الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا
لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ والخَيْرُ
كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ,
تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ))، وَإِذَا رَكَعَ
قَالَ: ((اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ
لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي))، وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ
رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا
بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ))، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ
لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي
خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الخَالِقِينَ))، ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ
وَالتَّسْلِيمِ: ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا
أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي،
أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ)). رواه مسلم([17]).
368-
عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ [ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّ رَهْطًا مِنْ
أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلَقُوا فِي
سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ،
فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ
الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ
بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ قَدْ نَزَلُوا بِكُمْ
لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا: يَا
أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ فَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ
يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
نَعَمْ, وَاللَّهِ إِنِّي لَرَاقٍ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ
فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً،
فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ
وَيَقْرَأُ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾، حَتَّى لَكَأَنَّمَا نُشِطَ
مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي مَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ
جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا،
فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ مَا
يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ: ((وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟! أَصَبْتُمْ،
اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ)). رواه البخاري ومسلم([18]).
369-
عَنْ
أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ
بَيْنَمَا هُوَ لَيْلَةً يَقْرَأُ فِي مِرْبَدِهِ إِذْ جَالَتْ فَرَسُهُ فَقَرَأَ،
ثُمَّ جَالَتْ أُخْرَى فَقَرَأَ، ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا, قَالَ أُسَيْدٌ:
فَخَشِيتُ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ
فَوْقَ رَأْسِي فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ فِي الجَوِّ حَتَّى مَا
أَرَاهَا، قَالَ: فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ بَيْنَمَا أَنَا البَارِحَةَ مِنْ
جَوْفِ اللَّيْلِ أَقْرَأُ فِي مِرْبَدِي إِذْ جَالَتْ فَرَسِي، فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اقْرَأْ ابْنَ حُضَيْرٍ))، قَالَ:
فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالَتْ أَيْضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اقْرَأْ ابْنَ حُضَيْرٍ))، قَالَ: فَقَرَأْتُ ثُمَّ جَالَتْ
أَيْضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اقْرَأْ
ابْنَ حُضَيْرٍ))، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ، وَكَانَ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا
خَشِيتُ أَنْ تَطَأَهُ، فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ
عَرَجَتْ فِي الجَوِّ حَتَّى مَا أَرَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تِلْكَ المَلائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ،
وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَرَاهَا النَّاسُ مَا تَسْتَتِرُ مِنْهُمْ)). رواه
مسلم([19]).
370-
عَنْ عَائِشَةَ [
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ]، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ:
كَانَتِ المُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُمْتَحَنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا
جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا
وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ﴾ إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ
أَقَرَّ بِهَذَا مِنَ المُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ، وَكَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ
قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((انْطَلِقْنَ فَقَدْ
بَايَعْتُكُنَّ))، وَلاَ وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَـطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلامِ،
قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ إِلاَّ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا مَسَّتْ
كَفُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ، وَكَانَ
يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: ((قَدْ بَايَعْتُكُنَّ)) كَلامًا. رواه
البخاري ومسلم([20]).
371-
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ، كَأَنَّهَا نُمْرُقَةٌ، فَجَاءَ فَقَامَ
بَيْنَ البَابَيْنِ وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَنَا يَا
رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((مَا بَالُ هَذِهِ الوِسَادَةِ؟))، قَالَتْ: وِسَادَةٌ
جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا، قَالَ: ((أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ
المَلاَئِكَةَ لاَ تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ، وَأَنَّ مَنْ صَنَعَ
الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ؟)).
رواه البخاري ومسلم([21]).
372-
عَنِ
البَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي القَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ
يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاثَةَ
أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الكِتَابَ كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، قَالُوا: لاَ نُقِرُّ لَكَ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ
أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: ((أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ))، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((امْحُ:
رَسُولَ اللَّهِ))، قَالَ عَلِيٌّ: لاَ وَاللَّهِ لاَ أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ
يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: لا
يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلاحَ إِلاَّ السَّيْفَ فِي القِرَابِ، وَأَنْ لا يَخْرُجَ
مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لا يَمْنَعَ مِنْ
أَصْحَابِهِ أَحَدًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا، فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى
الأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ
مَضَى الأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِي: يَا عَمِّ, يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا
عَلِيٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: دُونَكِ
ابْنَةَ عَمِّكِ حَمَلَتْهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ وَزَيْدٌ وَجَعْفَرٌ،
قَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ:
ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى
بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا، وَقَـالَ: ((الخَالَةُ
بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ))، وَقَـالَ لِعَلِيٍّ: ((أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ))، وَقَالَ
لِجَعْفَرٍ: ((أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي))، وَقَالَ لِزَيْدٍ: ((أَنْتَ
أَخُونَا وَمَوْلاَنَا))، وَقَالَ عَلِيٌّ: ((أَلاَ تَتَزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ؟))،
قَالَ: ((إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ)). رواه البخاري ومسلم([22]).
373-
عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ
[ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا فِي المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ،
فَنَظَرْتُ, فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهَذَيْنِ،
فَجِئْتُهُ بِهِمَا، قَالَ: مَنْ أَنْتُمَا -أَوْ: مِنْ أَيْنَ أَنْتُمَا؟- قَالاَ:
مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، قَالَ: لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أَهْلِ البَلَدِ لأَوْجَعْتُكُمَا،
تَرْفَعَانِ أَصْوَاتَكُمَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. رواه البخاري([23]).
374-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، قَالاَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يُؤْتَى بِالْعَبْدِ يَوْمَ
القِيَامَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا وَمَالاً
وَوَلَدًا، وَسَخَّرْتُ لَكَ الأَنْعَامَ والحَرْثَ، وَتَرَكْتُكَ تَرْأَسُ
وَتَرْبَعُ, فَكُنْتَ تَظُنُّ أَنَّكَ مُلاقِي يَوْمَكَ هَذَا؟ قَالَ: فَيَقُولُ:
لاَ، فَيَقُولُ لَهُ: اليَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي)). قَالَ التِّرْمِذِيُّ:
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: اليَوْمَ أَنْسَاكَ: اليَوْمَ أَتْرُكُكَ فِي العَذَابِ. رواه
الترمذي([24]).
375-
عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:
سَأَلْتُ أُمَّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ] قُلْتُ: يَا
أُمَّ المُؤْمِنِينَ, كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لاَ، كَانَ
عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَطِيعُ؟. رواه البخاري ومسلم([25]).
376-
عَنْ
زَيْنَبَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ؛ أَنَّ الفُرَيْعَةَ بِنْتَ مَالِكِ بْنِ
سِنَانٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ]، وَهِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ
أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهَا فِي بَنِي خُدْرَةَ، وَأَنَّ
زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِطَرَفِ
القَدُومِ لَحِقَهُمْ فَقَتَلُوهُ، قَالَتْ: فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ
يَتْرُكْ لِي مَسْكَنًا يَمْلِكُهُ وَلاَ نَفَقَةً، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نَعَمْ))، قَالَتْ: فَانْصَرَفْتُ
حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الحُجْرَةِ أَوْ فِي المَسْجِدِ نَادَانِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أَمَرَ بِي فَنُودِيتُ لَهُ، فَقَالَ:
((كَيْفَ قُلْتِ؟))، قَالَتْ: فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ القِصَّةَ الَّتِي ذَكَرْتُ
لَهُ مِنْ شَأْنِ زَوْجِي، قَالَ: ((امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ
الكِتَابُ أَجَلَهُ))، قَالَتْ: فَاعْتَدَدْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
وَعَشْرًا، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ
ذَلِكَ, فَأَخْبَرْتُهُ فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ. رواه أبوداود والترمذي
والنسائي وابن ماجه([26]).
377- عَنْ
أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّهُ
كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ
عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ: ((مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ))، قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا المُسْتَرِيحُ والمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: ((العَبْدُ
المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ،
والعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ والبِلادُ وَالشَّجَرُ
وَالدَّوَابُّ)). رواه البخاري ومسلم([27]).
378-
عَنْ طَرِيفٍ أَبِي
تَمِيمَةَ قَالَ: شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهُوَ يُوصِيهِمْ
فَقَالُوا: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ
القِيَامَةِ)) قَالَ: ((وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ
القِيَامَةِ))، فَقَالُوا: أَوْصِنَا، فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ
الإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يَأْكُلَ إِلاَّ طَيِّبًا
فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ
بِمِلْءِ كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ. رواه البخاري ومسلم([28]).
379-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
[ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ، خَرَجَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ، فَخَرَجْنَا
مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا " بَيْتَ المِدْرَاسِ " فَقَامَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَاهُمْ فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ يَهُودَ,
أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا))، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا القَاسِمِ، قَالَ:
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ذَلِكَ
أُرِيدُ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا))، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا القَاسِمِ،
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ذَلِكَ
أُرِيدُ))، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: ((اعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ
لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ،
فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا
أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ)). رواه البخاري ومسلم([29]).
380-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
[ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلاَ تَشْهَدْ مَعَنَا العِشَاءَ الآخِرَةَ)).
رواه مسلم([30]).
381-
عَنْ أَبي ثَعْلَبَةَ
الخُشَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّا بِأَرْضِ
قَوْمٍ أَهْلِ الكِتَابِ نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ
بِقَوْسِي، وَأَصِيدُ بِكَلْبِيَ المُعَلَّمِ وَالَّذِي لَيْسَ مُعَلَّمًا، فَأَخْبِرْنِي
مَا الَّذِي يَحِلُّ لَنَا مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: ((أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ
بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ الكِتَابِ تَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ
غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا
ثُمَّ كُلُوا فِيهَا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ صَيْدٍ فَمَا صِدْتَ
بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ
فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ
مُعَلَّمًا فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ)). رواه البخاري ومسلم([31]).
382-
عَنْ نَافِعٍ قَالَ:
جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، إِلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الحَرَّةِ مَا كَانَ، زَمَنَ
يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: اطْرَحُوا لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لأُحَدِّثَكَ
حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ،
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنْ
خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ القِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ،
وَمَنْ مَـاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَـاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)).
رواه مسلم([32]).
383-
عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: انْطَلَقَ
سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا، قَالَ: فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ
أَبِي صَفْوَانَ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّأْمِ فَمَرَّ
بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: انْتَظِرْ
حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَغَفَلَ النَّاسُ انْطَلَقْتُ فَطُفْتُ،
فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي
يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، فَقَالَ سَعْدٌ: أَنَا سَعْدٌ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ:
تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِنًا وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ؟ فَقَالَ:
نَعَمْ، فَتَلاحَيَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أُمَيَّةُ لسَعْدٍ: لاَ تَرْفَعْ
صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الحَكَمِ فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الوَادِي، ثُمَّ قَالَ
سَعْدٌ: وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لأَقْطَعَنَّ
مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ، قَالَ: فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ: لاَ تَرْفَعْ
صَوْتَكَ وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَالَ: دَعْنَا عَنْكَ فَإِنِّي
سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزْعُمُ أَنَّهُ
قَاتِلُكَ، قَالَ: إِيَّايَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ
مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ، فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمِينَ
مَا قَالَ لِي أَخِي اليَثْرِبِيُّ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّهُ
سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ
مُحَمَّدٌ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الصَّرِيخُ قَالَتْ
لَهُ امْرَأَتُهُ: أَمَا ذَكَرْتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ اليَثْرِبِيُّ؟ قَـالَ:
فَأَرَادَ أَنْ لاَ يَخْرُجَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ
الوَادِي, فَسِرْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ, فَسَارَ مَعَهُمْ, فَقَتَلَهُ اللَّهُ.
رواه البخاري([33]).
384-
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ] قَالَ: لَمَّا
قَدِمُوا المَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ لِعَبْدِ
الرَّحْمَنِ: إِنِّي أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالاً فَأَقْسِمُ مَالِي نِصْفَيْنِ،
وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لِي أُطَلِّقْهَا،
فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا، قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي
أَهْلِكَ وَمَالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ؟ فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ،
فَمَا انْقَلَبَ إِلاَّ وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، ثُمَّ تَابَعَ
الغُدُوَّ, ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَهْيَمْ؟))، قَالَ: تَزَوَّجْتُ، قَالَ: ((كَمْ
سُقْتَ إِلَيْهَا؟))، قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ
ذَهَبٍ شَكَّ إِبْرَاهِيمُ. رواه البخاري([34]).
385-
عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَتَيْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنَّا يَوْمَ الخَنْدَقِ
نَحْفِرُ فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاؤُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الخَنْدَقِ، فَقَالَ:
((أَنَا نَازِلٌ))، ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا
ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لاَ نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِعْوَلَ فَضَرَبَ فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ -أَوْ أَهْيَمَ-,
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, ائْذَنْ لِي إِلَى البَيْتِ، فَقُلْتُ لامْرَأَتِي:
رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مَا كَانَ فِي
ذَلِكَ صَبْرٌ, فَعِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: عِنْدِي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ، فَذَبَحْتُ
العَنَاقَ, وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي البُرْمَةِ،
ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والعَجِينُ قَدِ
انْكَسَرَ، والبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِيِّ قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ، فَقُلْتُ:
طُعَيِّمٌ لِي, فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلانِ، قَـالَ:
((كَمْ هُوَ؟))، فَذَكَرْتُ لَهُ، قَالَ: ((كَثِيرٌ طَيِّبٌ))، قَالَ: ((قُلْ
لَهَا: لاَ تَنْزِعِ البُرْمَةَ وَلاَ الخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِيَ))، فَقَالَ:
((قُومُوا))، فَقَامَ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى
امْرَأَتِهِ قَالَ: وَيْحَكِ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ، قَالَتْ: هَلْ سَأَلَكَ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ، فَقَالَ: ((ادْخُلُوا وَلاَ تَضَاغَطُوا))، فَجَعَلَ يَكْسِرُ الخُبْزَ
وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ وَيُخَمِّرُ البُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ
مِنْهُ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ
الخُبْزَ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ، قَالَ: ((كُلِي هَذَا
وَأَهْدِي فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ)). رواه البخاري ومسلم([35]).
386-
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ [
بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ
ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: ((رَبِّ
اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)). رواه البخاري ومسلم([36]).
387-
عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي
مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الفَتَى مَعَنَا
وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، قَالَ: فَدَعَاهُمْ
ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَـانِي مَعَهُمْ، قَالَ: وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ
إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّي، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ # وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ
فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً﴾ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ
عَلَيْنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نَدْرِي، أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا،
فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَذَاكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَمَا
تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ والفَتْحُ﴾: فَتْحُ مَكَّةَ،
فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ, ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ
كَانَ تَوَّابًا﴾، قَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ. رواه
البخاري([37]).
388- عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، قَالَ: كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ
قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: ((أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا
لِلْقُرْآنِ؟))، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْـدِ،
وَقَالَ: ((أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ القِيَامَةِ))، وَأَمَرَ
بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ.
رواه البخاري([38]).
389- عَنْ
سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَعَ رَجُلٌ بِأَبِي
بَكْرٍ فَآذَاهُ، فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّانِيَةَ,
فَصَمَتَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ آذَاهُ الثَّالِثَةَ, فَانْتَصَرَ مِنْهُ
أَبُو بَكْرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ انْتَصَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ: أَوَجَدْتَ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نَزَلَ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُكَذِّبُهُ
بِمَا قَالَ لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَرْتَ وَقَعَ الشَّيْطَانُ، فَلَمْ أَكُنْ
لأَجْلِسَ إِذْ وَقَعَ الشَّيْطَانُ)). رواه أبو داود([39]).
390- عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْـهِ وَسَلَّمَ يَقُـولُ: ((قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ
عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ
عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا
ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ
لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً)). رواه
الترمذي([40]).
391-
عَنْ
زَهْدَمٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
]، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ هَذَا الحَيِّ مِنْ جَرْمٍ إِخَاءٌ، فَأُتِيَ
بِطَعَامٍ فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ، وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ أَحْمَرُ، فَلَمْ
يَدْنُ مِنْ طَعَامِهِ، قَالَ: ادْنُ، فَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهُ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ أَكَلَ
شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ فَحَلَفْتُ أَنْ لاَ آكُلَهُ، فَقَالَ: ادْنُ أُخْبِرْكَ
أَوْ أُحَدِّثْكَ؛ إِنِّي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي نَفَرٍ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ فَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ، وَهُوَ
يَقْسِمُ نَعَمًا مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَحَلَفَ أَنْ لاَ
يَحْمِلَنَا، قَالَ: ((مَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ))، ثُمَّ أُتِيَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَهْبٍ مِنْ إِبِلٍ، فَقَالَ:
((أَيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ؟ أَيْنَ الأَشْعَرِيُّونَ؟))، قَالَ: فَأَعْطَانَا
خَمْسَ ذَوْدٍ غُرَّ الذُّرَى، فَلَبِثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ فَقُلْتُ لأَصْحَابِي:
نَسِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ، فَوَاللَّهِ
لَئِنْ تَغَفَّلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ
لاَ نُفْلِحُ أَبَدًا، فَرَجَعْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّا اسْتَحْمَلْنَاكَ فَحَلَفْتَ
أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا فَظَنَنَّا أَنَّكَ
نَسِيتَ يَمِينَكَ، فَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ هُوَ حَمَلَكُمْ, إِنِّي وَاللَّهِ -إِنْ
شَاءَ اللَّهُ- لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ
أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا)). رواه البخاري ومسلم([41]).
392- عَنْ
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ]: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ مَا أَوَّلُ
مَا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَا
أَوَّلُ مَا يَقُولُونَ لَهُ؟))، قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((إِنَّ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ: هَلْ أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي؟
فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا رَبَّنَا، فَيَقُولُ: لِمَ؟ فَيَقُولُونَ: رَجَوْنَا
عَفْوَكَ وَمَغْفِرَتَكَ، فَيَقُولُ: قَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ مَغْفِرَتِي)). رواه
أحمد([42]).
393- عَنْ
حُذَيْفَةَ [ بْنِ اليَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ، قَدْ رَأَيْتُ
أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ
فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ, ثُمَّ نَزَلَ القُرْآنُ, فَعَلِمُوا مِنَ
القُرْآنِ وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ، ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِ الأَمَانَةِ،
قَالَ: ((يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ,
فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ
الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ، كَجَمْرٍ
دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ
شَيْءٌ))، ثُمَّ أَخَذَ حَصًى فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ، ((فَيُصْبِحُ النَّاسُ
يَتَبَايَعُونَ لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ
فِي بَنِي فُلانٍ رَجُلاً أَمِينًا، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: مَا أَجْلَدَهُ! مَا
أَظْرَفَهُ! مَا أَعْقَلَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ
مِنْ إِيمَانٍ))، وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ
بَايَعْتُ، لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ دِينُهُ، وَلَئِنْ
كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا
اليَوْمَ فَمَا كُنْتُ لأُبَايِعَ مِنْكُمْ إِلاَّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا. رواه
البخاري ومسلم([43]).
394- عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُوتُ حِينَ
يَمُوتُ وَفِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ تَحِلُّ لَهُ
الجَنَّةُ، أَنْ يَرِيحَ رِيحَهَا وَلاَ يَرَاهَـا))، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ
قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: أَبُو رَيْحَانَةَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي
لأُحِبُّ الجَمَالَ وَأَشْتَهِيهِ, حَتَّى إِنِّي لأُحِبُّهُ فِي عِلاقَةِ سَوْطِي،
وَفِي شِرَاكِ نَعْلِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((لَيْسَ ذَاكَ الكِبْرُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ،
وَلَكِنَّ الكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ بِعَيْنَيْهِ)). رواه
أحمد([44]).
395- عَنْ
عُبَادَةَ بْنِ الوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: دَخَلْتُ
عَلَى عُبَادَةَ [بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، وَهُوَ مَرِيضٌ
أَتَخَايَلُ فِيهِ المَوْتَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ أَوْصِنِي وَاجْتَهِدْ لِي، فَقَالَ:
أَجْلِسُونِي، قَالَ: يَا بُنَيَّ, إِنَّكَ لَنْ تَطْعَمَ طَعْمَ الإِيمَانِ
وَلَنْ تَبْلُغْ حَقَّ حَقِيقَةِ العِلْمِ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى
تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ فَكَيْفَ
لِي أَنْ أَعْلَمَ مَا خَيْرُ القَدَرِ وَشَرُّهُ؟ قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّ مَا
أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ،
يَا بُنَيَّ, إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: القَلَمُ،
ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ, فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى
يَوْمِ القِيَامَةِ))، يَا بُنَيَّ إِنْ مِتَّ وَلَسْتَ عَلَى ذَلِكَ دَخَلْتَ
النَّارَ. رواه أحمد([45]).
396- عَنْ
جَابِرٍ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ
يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً،
يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا, فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ
شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ
أَنْتَ)). رواه مسلم([46]).
397-
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُمَرَ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ
المُهَاجِرِينَ, خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ
تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا
بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ
فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا المِكْيَالَ والمِيزَانَ
إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ المَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ
عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا القَطْرَ
مِن السَّمَاءِ وَلَوْلاَ البَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ
اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ
غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ
أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ
جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ)). رواه ابن ماجه([47]).
398-
عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَقَالَ: ((هَذِهِ عَرَفَةُ، وَهَذَا
هُوَ المَوْقِفُ، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ))، ثُمَّ أَفَاضَ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ،
وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَجَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ عَلَى هِينَتِهِ، وَالنَّاسُ
يَضْرِبُونَ يَمِينًا وَشِمَالاً، يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ وَيَقُـولُ: ((يَا أَيُّهَا
النَّاسُ, عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ))، ثُمَّ أَتَى جَمْعًا فَصَلَّى بِهِمُ الصَّلاتَيْنِ
جَمِيعًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى قُزَحَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: ((هَذَا قُزَحُ
وَهُوَ المَوْقِفُ، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ))، ثُمَّ أَفَاضَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى
وَادِي مُحَسِّرٍ، فَقَرَعَ نَاقَتَهُ فَخَبَّتْ حَتَّى جَاوَزَ الوَادِيَ، فَوَقَفَ
وَأَرْدَفَ الفَضْلَ، ثُمَّ أَتَى الجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أَتَى المَنْحَرَ فَقَالَ:
((هَذَا المَنْحَرُ، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ))، وَاسْتَفْتَتْهُ جَارِيَةٌ شَابَّةٌ
مِنْ خَثْعَمٍ، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ
اللَّهِ فِي الحَجِّ, أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: ((حُجِّي عَنْ أَبِيكِ))،
قَالَ: وَلَوَى عُنُقَ الفَضْلِ، فَقَالَ العَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, لِمَ لَوَيْتَ
عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ؟ قَالَ: ((رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً، فَلَمْ آمَنِ الشَّيْطَانَ
عَلَيْهِمَا))، ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَـالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَفَضْتُ
قَبْلَ أَنْ أَحْلِقَ، قَـالَ: ((احْلِقْ أَوْ قَصِّرْ وَلاَ حَرَجَ))، قَالَ: وَجَاءَ
آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ:
((ارْمِ وَلاَ حَرَجَ))، قَالَ: ثُمَّ أَتَى البَيْتَ فَطَافَ بِهِ، ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ
فَقَالَ: ((يَا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ لَوْلاَ أَنْ يَغْلِبَكُمْ النَّاسُ عَنْهُ
لَنَزَعْتُ)). رواه الترمذي([48]).
399- عَنْ
عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ الكِنْدِيِّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَنِ
اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ
كَانَ غُلُولاً يَأْتِي بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ))، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ
رَجُلٌ أَسْوَدُ, مِنَ الأَنْصَارِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ, اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: ((وَمَا لَكَ؟))، قَالَ:
سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: ((وَأَنَا أَقُولُهُ الآنَ: مَنِ
اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا
أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى)). رواه مسلم([49]).
400-
عَنْ
عَلِيٍّ [ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ,
وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا، فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ،
فَقَالَ: اجْمَعُوا لِي حَطَبًا, فَجَمَعُوا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا,
فَأَوْقَدُوا، ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَسْمَعُوا لِي وَتُطِيعُوا؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ:
فَادْخُلُوهَا، قَالَ: فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا: إِنَّمَا
فَرَرْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّارِ،
فَكَانُوا كَذَلِكَ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ وَطُفِئَتِ النَّارُ، فَلَمَّا رَجَعُوا
ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: ((لَوْ
دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ)). رواه
البخاري ومسلم([50]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق